بواسطة: جيسيكا معماري
“ليس من إنسانٍ أكثر تعاسة مِن الذي يعيش في دوّامة التردّد”، بهذه العبارة يشدّد الفيلسوف الأميركي ويليام جيمس على أهمية اتّخاذ أيّ خطوةٍ، ولو لم تكن مضمونة، خصوصاً أنّ الندم أفضل من تردّد يدوم طويلاً.
بات التردّد آفة تعتري مجتمعنا، في ظلّ تفاقم الخيارات التي تُطرح أمام الفرد في مختلف المجالات، خصوصاً في ما يحاكي العلاقات العاطفية. يدرك المتردد جيداً أنه باتخاذ خطوة ما، يكشف ما عنده ويثبت التزامه. فعدم التمكّن من الرجوع الى الوراء أمرٌ يشعره بالخوف. فلا يمكن بعدئذٍ التراجع والتظاهر بأن شيئاً لم يحصل لاحقاً.
عادةً ما يرتبط التردّد باتّخاذ قرار مصيريّ قد يغيّر معالم الحياة اليومية، ويتطلّب ثقة كاملة لاتّخاذه. وفيما يكون هذا الشعور خياراً اتّخذه المرء بألا يتّخذ أيّ قرارٍ لأنّه لا يحتمل الفشل، تأتي هذه النتائج من الشعور بالملل وعدم التماس أيّ أملٍ في هذا الإطار. فعدد كبير من المترددين يظنون أن عليهم أن يشعروا برغبة كبيرة في اتخاذ قرار ما قبل القيام بالخطوة، لهذا يمضون حياتهم وهم ينتظرون لحظة بروز هذه الرغبة حتى يفوتهم القطار ويصبح إصلاح الامور متعذراً.
أما من يصبو الى الكمال في مختلف الأمور، فنجده يقف متصبّراً لوقتٍ طويل أمام اتّخاذ أيّ قرارٍ جدّي. فعدم التمكّن من بلوغ هذه المثالية في كل ما ينجزونه يتسبب لهم بتردد كبير. قد يكون خوفهم من الفشل أو من عدم التمكّن من الارتقاء الى المستوى المطلوب يضع العوائق أمامهم، ناهيك عن غياب الخبرة وعدم التمتع بنظرة شاملة نحو المستقبل.
ويعود الخوف بالدرجة الأولى الى وجود التردّد بحيث يرجع علم النفس التردّد الى تكاثر الحاجات التي يرغب المرء في تحقيقها، وهو ما يُعرف بالصراع النفسي الذي يصيب أيّاً كان في مرحلة عمرية معيّنة حين يعجز المرء عن إرضاء كل حاجاته.
ويتفاوت الشعور بالتردّد بين الأمر البسيط الذي يصيب المرء وينتهي مع اتّخاذ قرار ما. أما التردّد الذي يمتدّ لفترة زمنية وطويلة، فيلازم الشخص في أبسط الأمور الحياتية، ما يصبح جزءاً من شخصيته فيعيش صراعاً مع الذات لا يعرف سبيل الخلاص منه.
إن كنت متردداً، أنت وحدك من يمكنه تخطي هذه المشكلة. ابدأ بتحديد الخوف الذي يمنعك من اتخاذ القرارات. ثم اجبر نفسك وثبّت قرارات ليس فيها أي مخاطرة وحاول ألا تعقّد الامور وتجعلها دراماتيكية. تقول إحدى الاختصاصيات في علم النفس إن من يعانون تردداً مزمناً يلجؤون الى استراتيجية الهروب والتجنب، فيميلون الى الانتظار حتى يتخذ الآخرون القرارات عنهم.
أما أنتِ، فإذا كنت على علاقة برجلٍ متردد، من المهم ألا تبحثي عن خطأ ما قد ارتكبته أدّى الى هذا التصرف من الطرف الآخر. فهذه المشكلة ستتكرر مع غيرك أيضاً. لا داعي لتدمير ثقتك بنفسك. واعلمي أن انتظار قرار من الشخص الآخر أو التعلّق به أمران يثيران الرعب فيه.
قد يكون من الصعب جداً العيش مع شخصٍ متردّد، يخشى مواجهة المسائل نتيجة الخوف العميق الذي ينتابه من احتمال الوقوع في الفشل. ويبقى الاعتماد على الحدس الحلّ الأنسب للعثور على الأهداف الحقيقية.
المصدر msn
0 التعليقات:
إرسال تعليق